تأملات في جريمة السطو على التجاري بنك... انذار للمجتمع/إينشيري

سبت, 09/06/2018 - 09:47

تنذر  الجريمة الفظيعة التي تعرض لها فرع التجاري بنك في دار النعيم قبل ايام بان موريتانيا مقدمة في المستقبل القريب والمتوسط على موجة من الفلتان الامني والاحداث الاجرامية الخطيرة التي لم تشهد نوعها من قبل.
فالجريمة التي وقعت قبل ايام قليلة ماضية ضد فرع هذا البنك وفي وضح النهار  ورغم بدائية اصحابها وعدم احترافيتهم  وظهورهم كما لو انهم يمارسون نوعا من المشاغبة او الاستهتار بالنظام الحاكم وجهازه الامني العام قد تفتح شهية لدى  الجيل الصاعد من الشباب الطامح الى حياة الرفه والمغريات المادية 
وقد تغريهم سهولة وبدائية وضعف امكانيات رجال الامن وقلة عددهم على احتراف السطو والسرقة وممارستهما كاسلوب جديد لمواجهة مصاعب الحياة وظروفها القاسية..
صحيح ان الخلل فينا نحن المجتمع وفي منظومتنا الاجتماعية والثقافية التقليدية التي تتقبل اللصوص وتتعاطى مع السراق كابطال يمثلون الشجاعة والاقدام والرجولة..
ففي حادثة السطو على فرع بنك التجارة الدولية قبل عام تقريبا لقي ولد الروسية اشادات وقيل فيه الكثير من الشعر و التبراع ما جعله في نظر المجتمع بطلا  "لا مجرما " ، وعكس تعاطي الراي العام مع الحادثة الاجرامية  بنوع من الاحترام والتقدير التي يرسمها في مخيلته للصوص والسراق..
وهي الصورة التي تتجلى بوصوح تام في تعاطي المجتمع مع سُراق المال العام والذين لا يلقون من المجتمع الا الاحترام والتقدير العالي ، كما ان اغلب الاجيال التي تمارس السرقة والتلصص منهم من ينحدر من طبقات اجتماعية واسر  كزنت راسمالها المادي والمعنوي من الريع المالي الضخم للدولة والذي كان بعضهم يستأثر به لوحده ويتحايل عليه بل ويتصرف فيه كما لو انه ملك شخصي..
ثم لاتنسو ان الشباب يستمع منذ فترة لاغاني وتسجيلات بالصوت والصورة  تتهم الرئيس وعائلته بالسرقة فتكرارها المستمر على مسامع الشباب.." اغاني اولاد لبلاد وهجائيات ولد امصيدف" لن تذهب سدى دون ان تترك بصماتها في سسلوكهم.
لهذا السبب ليس غريبا في ظل الغلاء الفاحش و ارتفاع تكلفة الحياة وغياب استراتيجيات وطنية  و اجتماعية مدروسة تراعي مختلف التغيرات الاجتماعية التي تهدد منظومة المجتمع الموريتاني وفي ظل غياب خطط امنية وقائية قادرة على التعاطي مع الاحداث الاجرامية بعيدا عن الاساليب الامنية القديمة في ظل ذلك كله ليس مستغربا ان يكون الواقع الحالي بمثابة مدرسة لتهيئة وتخريج اجيال جديدة من عتاة المجرمين المسلحين بادوات العصر الراهن وتقنياته المتعددة الاستعمالات..
انطلاقا من مسؤوليتنا الوطنية ورؤيتنا  للتهديدات التي قد يتعرض لها المجتمع ندعوا الى التامل مليا في هذا الواقع برؤية علمية مدروسة..
محفوظ الجيلاني