بدأت صباح اليوم الاثنين بفندق موريسانتر بنواكشوط اشغال ورشة إقليمية حول الحرية المسؤولة وأخلاقيات المهنة منظمة من طرف وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني واتحاد إذاعات الدول الإسلامية والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الايسسكو".
ويرمى هذا اللقاء الذي يدوم يومين، إلى إيجاد فضاء مناسب لعدد من الخبراء ذوى الاختصاص لمناقشة أفضل السبل لتمهين مهنة الصحافة وإضفاء البعد الأخلاقي على ممارستها وإخضاعها للضوابط المهنية.
وستناقش الورشة الإقليمية التي تدوم يومين جملة من المواضيع خلال خمس جلسات تتعلق بتجربة هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودي والمتطلبات التشريعية والمؤسساتية لتعزيز حرية التعبير وأخلاقيات المهنة والأخلاقيات الأساسية لممارسة حرية الصحافة في سياق تعددي، إضافة إلى دور مواثيق الضبط الذاتي في ترسيخ أخلاقيات المهنة وعروض مختصرة حول تجارب الدول المشاركة.
ويتولى تأطير هذه الورشة خبراء من موريتانيا والسعودية والمغرب وتشارك فيها وفود من مالي وكوت ديفوار والكامرون والسينغال وبوركينا افاسو والغابون والنيجر.
وأكدت وزيرة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني السيدة آوا الشيخ سيديا تانديا لدى افتتاح الورشة، أنه بالنظر إلى ما يعرفه العالم من عدم استقرار وغياب للمنطلقات، فمن الضروري أن تتم استعادة المكانة النبيلة للصحافة.
وأضافت أن هذه الورشة يجب أن تكون فرصة للصحفيين الموريتانيين وزملائهم في الدول الإفريقية الشقيقة لتعميق مفاهيم الحرية وأخلاقيات المهنة الصحفية.
وأشارت إلى أن توطيد الديمقراطية التعددية عامل أساسي للتنمية السليمة المبنية أساسا على الإعلام السليم البناء الذي يعزز الوحدة الوطنية.
وقالت إنه لبلوغ هذه الأهداف لا بد من وجود مصادر موثوقة ومن التحقق من الأحداث قبل نشرها لتفادي الوقوع في الإثارة ومن أجل فهم الحدود بين حرية التعليق والضوابط المهنية.
وأبرزت الوزيرة انه بفضل الرؤية النيرة لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، نشأ في موريتانيا مناخ ملائم منذ سنوات لانبثاق صحافة تعددية حرة.
وشكرت الوزيرة باسم الوزير الأول المهندس يحيى ولد حدمين اتحاد إذاعات الدول الإسلامية والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة على دعمهم المستمر للبرنامج التكويني للقطاع، كما رحبت بالصحفيين من الدول الشقيقة الذين أتوا لتبادل التجارب مع زملائهم في موريتانيا.
وبدوره تقدم المدير العام لاتحاد إذاعات الدول الإسلامية السيد محمدو سالم ولد بوكه في بداية كلمته، أصالة عن نفسه ونيابة عن الاتحاد بجزيل الشكر للجمهورية الإسلامية الموريتانية رئيسا وحكومة وشعبا على حفاوة الاستقبال وعلى التسهيلات التي قدمتها حتى يتم هذا الاجتماع في أحسن الظروف.
وأضاف أن الشكر موصول للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم "الأيسسكو" التي بادرت بالمشاركة في هذه الورشة وكذا لوزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني ومصالحها المختصة، على ما بذلوه من جهد لتنفيذ هذه الورشة الإقليمية، وكذلك لكل المشاركين من داخل موريتانيا والإخوة الذين تجشموا عناء السفر من مختلف البلدان الإفريقية المستخدمة للغة الفرنسية لحضور هذه الورشة.
وقال إن الجهات المنظمة لهذه الورشة أرادت لها أن تكون فضاء لهذا العدد من أهل الاختصاص لمناقشة أفضل السبل لتمهين المهنة وإضفاء البعد الأخلاقي على ممارستها وإخضاعها لضوابط الشرع.
وقال إنه تم اختيار نخبة من الخبراء المتميزين لتأطير هذا الجهد سائلا الله العلي القدير التوفيق لتصل الاستفادة لأقصى مداها إن شاء الله.
وأوضح أنه إذا كان توفير الحرية من أهم المطالب المشروعة للممارسين لمهنة الصحافة، فإن ترشيد ممارستها يبقى التحدي الأكبر والامتحان العسير لأصحاب مهنة المتاعب، فعدم ترشيد ممارسة الحرية الإعلامية يلحق الضرر البين بالصحفيين وبالمجتمع وحتى بالمهنة ذاتها.
وقال إن ترشيد ممارسة الحريات يعني الالتزام بحدود الحرية ومراعاة واقع المجتمع وخلفيته الثقافية وعاداته وتقاليده مع التقيد التام بالضوابط الشرعية الناظمة لحياة مجتمعاتنا الإسلامية والتي تحرم شرعا المس بأعراض الناس والنيل من المقدسات والمعتقدات، فالإسلام يحرم النيل من الأعراض بالتساوي مع حرمة قتل النفس البشرية، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في خطبة حجة الوداع: "أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا....".
وأضاف المدير: "هكذا نجد أن الإسلام حدد واهتم بالأسس الضابطة لممارسة الحريات قبل كل المواثيق وقوانين حقوق الإنسان التي يدعي الغرب ملكيتها الفكرية".
وأبرز أن اختيار الجهات المنظمة لهذه الورشة، حرية الإعلام وأخلاقيات المهنة، كعنوان وأن تستضيفها موريتانيا بالذات، يترجم مدى أهمية هذا الموضوع ويعتبر تثمينا لما شهدته موريتانيا خلال السنوات الأخيرة فى مجال حرية الإعلام بشهادة العديد من الهيئات المختصة ومن بينها اتحاد إذاعات الدول الإسلامية.
وأضاف: "شهادتي على بلادي مجروحة لكن ذلك لا يعفيني من قول الحقيقة في المكان المناسب والحدث المناسب أيضا".
وأكد أن موريتانيا شهدت فى عهد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، تطورا ملحوظا فى مجال الحريات بشكل عام وتحديدا في مجال حرية الإعلام والتعبير، مما يحتم على العاملين في مجال الإعلام وقادة الرأي في موريتانيا تثمين هذا الإنجاز وأن يستغل بحكمة ومسؤولية كمكسب من أهم الإنجازات التي تحققت في بلاد المنارة والرباط، خلال تاريخها الحديث.
وقال إنه يقول ذلك "كشاهد على العصر كان في قلب المشهد الإعلامي الموريتاني طيلة ال 40 سنة الماضية ومطلع على ما كانت عليه الحريات وما وصلت إليه الآن".
ودعا إلى العض بالنواجذ على الأشواط المهمة والمكاسب الكبيرة التي قطعتها موريتانيا، وحماية تلك المكاسب بالمهنية والأخلاق وتحصينها بالصدق والموضوعية والتجرد والمحافظة عليها بالتعفف عن أعراض الناس وعن التشهير والسب والقذف والتحريض والبعد عن خطابات الكراهية والتفريق (وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون).
واستشهد مدير اتحاد إذاعات الدول الإسلامية في ختام كلمته بقول الشافعي:
إذا رمت أن تحيى سليما من الردى
ودينك موفور وعرضك صين
فلا ينطقن منك اللسان بسوءة
فكلك سوءات وللناس ألسن".
وجرت وقائع افتتاح الورشة بحضور وزيري العدل والتشغيل والتكوين المهني وتقنيات الإعلام والاتصال ورئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية.