قراءة في التعدیل الوزاري الذي أجراه الرئیس ولد الغزواني/إينشيري

أربعاء, 26/05/2021 - 22:49
قراءة في  التعدیل الوزاري  الذي أجراه الرئیس ولد الغزواني

أجرى الرئیس محمد ولد الغزواني مساء الأربعاء، تعدیلا في  حكومة وزیره الأول محمد ولد بلال، شمل بعض الشخصیات البارزة في عھد النظام الحالي.
التعدیل استحدثت فیھ حقائب وزاریة جدیدة، وأجري تعدیل على أسماء وزارات. وذلك بعد نقل مسؤولیات وقطاعات منھا أو إلیھا.
إبعاد ولد حامد وبنت بوكه وولد سالم
بموجب التعدیل غادر ثلاثة وزراء التشكیلة الحكومیة، ویتعلق الأمر بـ:
وزیر الصحة نذیرو ولد حامد، الذي تولى المنصب في أول حكومة في عھد الرئیس الحالي محمد ولد الغزواني، حیث تم تحمیله مسؤولیة تأزیم الأوضاع داخل البلاد، من خلال حملتھ على الصیدلیات، بعد عجزه عن خوض حرب على الأدویة المغشوشة وفشله في تقریب الخدمات الصحیة من المواطنین، بینما سارع لتعیین "الأھل والرفاق" في الوظائف السامیة والھامة في القطاع.

وجاءت أزمة "كورونا" لتؤكد فشل الوزیر وارتجالیة القرارات التي اتخذھا وتصریحاته المتناقضة من وقت لآخر، فتسبب في أزمة دبلوماسیة مع الصین، عندما أعلن أن أجھزة الفحص التي قدمتھا متعطلة، كما كانت تصریحاته حول بعض الحالات المتعلقة بـ"كورونا" متناقضة.

و أقدم على إبعاد بعض من أھل الإختصاص عن الواجھة، وإنجرف مع قلة من مافیا فساد تتحمل مسؤولیة الفساد الذي تعیشه وزارة الصحة، وتواجه وزارته الیوم العجز عن مواجھة المخاطر المحدقة جراء الحدیث عن تزاید حالات "كورونا" في عموم التراب الموریتاني، خصوصا في ظل بوادر موجة ثالثة من ھذا الوباء.
وزیرة الإسكان خدیجة بنت بوكه:
دخلت أول تشكیلة حكومیة في عھد الرئیس محمد ولد الغزواني، وحافظت على منصبھا خلال تغییر حكومة اسماعیل ولد بده ولد الشیخ سیدیا، لتواصل مسؤولیة إدارة الوزارة في عھد الوزیر الأول محمد ولد بلال. ویعتقد بأن إقالتھا جاءت على خلفیة "توازنات" قبلیة داخل الحكومة الموریتانیة.
وزیر التعلیم العالي سیدي ولد سالم:
تولى المنصب خلال السنوات الأخیرة من عشریة الرئیس السابق محمد ولد عبد العزیز، والذي كان مدیرا لحملته خلال آخر مأموریته الثانیة وكان من أركان نظامه، وبعد رحیله تم الإحتفاظ به من طرف الرئیس محمد ولد الغزواني، حیث حافظ على وجوده في تشكلتین حكومیتین،
رغم المآخذ علیه ، وھو الذي كاد یوقع نظام ولد الغزواني في ورطة سیاسیة خلال الأیام الأولى، لتولیھ مھمة "الناطق الرسمي بإسم الحكومة"، من خلال تصریحاته التي حاول من خلالھا إیھام الرأي العام، بأن ھذا النظام إنما ھو إمتداد لنظام الرئیس السابق ولد عبد العزیز.
كما أن قراره المنع من التسجیل على أساس السن للحاصلین على الباكالوریا كان موضع استیاء واسع، وھو نفس ما قوبل بھ قراره المتعلق بطلاب جامعة نواكشوط، والذي زاد من التوتر بعد تراجع الحكومة عن قراره الأول.
كما عمد إلى تعطیل تنفیذ أحكام قضائیة في عدة قضایا تتعلق بقطاعھ، ضاربا عرض الحائط بھا. وتدخل في انتخابات رئیس جدید لجامعة نواكشوط، من أجل فرض أحد مقربیھ لشغل ھذا المنصب، وأثار مشكلة من خلال تصریحاته الصحفیة الأسبوعیة، خصوصا تلك المتعلقة بنقل جامعة تجكجة إلى مكان آخر، وھي الخطوة التي أحدثت ردة فعل غاضبة في المدینة والولایة عموما، إلى جانب رفضھ التجاوب مع مطالب
أساتذة الجامعة وإقدامھ على تھدید العشرات من أصحاب الخبرة والكفاءات بالفصل إذا لم یقدموا شھاداتھم، مما فاقم من الأزمة بینھ مع الأساتذة. كما كانت تصریحاتھ الأخیرة التي أثنى فیھا على الرئیس السابق محمد ولد عبد العزیز بمثابة الضربة التي قصمت ظھر البعیر، لأنھا  جاءت خارج المألوف. ویعتقد البعض بأنھ قد یفوز بمنصب إقلیمي تم ترشیحھ لھ من طرف الحكومة الموریتانیة.
وجوه جدیدة تدخل التشكیلة الحكومیة
دخلت التشكیلة الحكومیة شخصیات جدیدة، كلف كل منھا بمسؤولیة داخل حكومة الوزیر الأول محمد ولد بلال، ویتعلق الأمر بـ:
وزیر الثقافة والشباب والریاضة والعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة المخطار ولد داھي:
الذي ھو إحدى أبرز الشخصیات الناشطة في حملة الرئیس محمد ولد الغزواني خلال الرئاسیات الماضیة، وأحد الأقلام البارزة التي ظلت تدافع
عنھ بإستماتة عنھ، وھو سفیر سابق بعدة دول، وسبق أن شغل منصب أمین عام سابق للوزارة التي كلف الیوم بإدارتھا، كما أدار من قبل
الأمانة العامة لوزارة الإسكان.
وزیرة التعلیم العالي والبحث العلمي آمال بنت سیدي ولد الشیخ عبد الله:
موظفة سابقة برئاسة الجمھوریة خلال حكم والدھا تغمده الله بواسع رحمتھ، قبل أن تلتحق بالعمل موظفة في الاتحاد الإفریقي، إلا أن بعض
المراقبین یعتقدون بأنھ من الصعب علیھا إدارة ھذا القطاع الھام.
وزیر المیاه والصرف الصحي محمد الحسن ولد بوخریص:
مدیر سابق للإدارة العامة للعقارات ومستشار سابق للوزیر الأول، كان یشغل منصب مفوض حقوق الإنسان، لم یتمكن خلال فترة إدارتھ لھ
من الدفع بھ إلى الأمام، بل إن قطاعھ كان أداؤه دون المستوى في المحافل الدولیة، فیما تتحدث بعض المصادر عن غیوم في العلاقة بینھ مع
الشركاء.
وزیر الزراعة سیدنھ ولد سیدي محمد ولد احمد اعلي:
مدیر سابق لشركة التمور بولایة آدرار، ینحدر من ولایة لبراكنھ، وجد نفسھ على إثر مغادرة الوزیر ولد حامد التشكیلة الحكومیة من ضمن
أعضائھا، دون معرفة القوة التي دفعتھ إلى ھذا المنصب الوزاري.
وزیر الصحة سیدي ولد الزحاف:
موظف سابق في منظمة الصحة العالمیة، كان یتولى منصب مدیر الصحة العمومیة وھو أحد أبرز الشخصیات التي ارتبط بھا الرأي العام منذ
ظھور جائحة "كورونا" في البلاد، حیث كان واجھة وزارة الصحة لتقدیم الحصیلة المتعلقة بالفیروس، وكان من أقرب الشخصیات إلى الوزیر
المقال نذیرو ولد حامد، بل إن البعض یعتبره ذراعھ الأیمن، مما یعني أنھ یتحمل جزء من المسؤولیة المتعلقة بما آل إلیھ القطاع خلال فترة
تولي نذیرو إدارتھ.
استحداث حقائب وزاریة جدیدة
شھد التعدیل الجزئي في حكومة الوزیر محمد ولد بلال، الذي جرى الأربعاء، ظھور حقائب وزاریة جدیدة، منھا وزارة "التحول الرقمي
والابتكار وعصرنة الإدارة" والتي كلف بإدارتھا عزیز ولد داھي الذي كان یشغل منصب وزیر الصید والاقتصاد البحري. فتم نقلھ من القطاع
رغم فشلھ في الدفع بھ خطوات إلى الأمام، نظرا لكون المجال الذي عین على إدارتھ غیر تخصصھ، فھو "معلوماتي" لا خلفیة لدیھ في تسییر
ھذا القطاع الحیوي الھام، بینما تطارده لعنة الفضیحة المالیة التي ھزت البنك المركزي، والتي لھا علاقة بالفترة التي كان یسیره فیھا، وبدلا
من إبعاده تم نقلھ إلى وزارة الصید، التي كان یدیرھا صدیقھ الشخصي الناني ولد اشروقھ، لیباشر إدارة القطاع من بعده. وذلك بعد أن ساھم
في تعزیز نفوذ رجال الأعمال "النھمین" ومافیا العمالة للأجانب على وزارة الصید وأھمل قطاعھ حتى تفاقمت فیھ المشاكل خلال السنة
الأولى من حكم ولد الغزواني.
كما تم فصل وزارة التنمیة الریفیة إلى وزارتین إحداھما للبیطرة والأخرى للزراعة، فتولى لمرابط ولد بناھي الأولى، وكان یشغل منصب وزیر
الثقافة والعلاقات مع البرلمان والصناعة التقلیدیة، بینما تولى الثانیة سیدین ولد سیدي محمد ولد أحمد اعلي.
تغییرات في تسمیات بعض الوزارات
تم تغییر اسم وزارة التھذیب والتكوین التقني والإصلاح إلى "التھذیب الوطني وإصلاح النظام التعلیمي"، بینما تم نقل قطاع التكوین المھني
إلى وزارة التشغیل، وأضیف "الشباب والریاضة إلى وزارة الثقافة التي تعززت بمسؤولیة النطق باسم الحكومة والذي كان من مسؤولیات
وزیر التعلیم العالي، فیما فصلت "الصناعة التقلیدیة" عن وزارة الثقافة وأضیفت إلى وزارة التجارة.
كما تم نقل قطاع عصرنة الإدارة من وزارة الوظیفة العمومیة إلى الوزارة الجدیدة "للتحول الرقمي والابتكار" والتي أضیف إلیھا قطاع تقنیات
الإعلام والاتصال الذي كان ملحقا بوزارة التعلیم العالي.
أما وزارة الشؤون الاجتماعیة والطفولة والأسرة، فتم تغیر اسمھا لتصبح وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة.
ویمكن القول بأنھ تم السعي للحفاظ على التوازنات القبلیة والجھویة، من خلال مغادرة خدیجة بنت بوكھ لیدخل المخطار ولد داھي من نفس
الوسط القبلي، ویغادر نذیرو ولد حامد لیدخل سیدین ولد سیدي محمد ولد أحمد اعلي الذي ینحدر من نفس الولایة وكذلك آمال بنت الشیخ
عبد الله التي ھي من ولایة لبراكنھ التي ینحدر منھا ولد حامد بل إنھا من نفس وسطھ القبلي، ویغادر سیدي ولد سالم لیدخل محمد الحسن ولد
بوخریص من منطقة الشمال التي ینحدر منھا الوزیر المبعد.
وزراء إحتفظوا بوظائفھم رغم الفشل
كان من المثیر للإنتباه، إحتفاظ عدد من وزراء حكومة ولد بلال بمناصبھم، رغم المآخذ علیھم وفشلھ في التسییر، ویتعلق الأمر بكل من:
وزیر الخارجیة اسماعیل ولد الشیخ أحمد:
تمسك طیلة الـ20 "من حكم الرئیس ولد الغزواني بنظرتھ "الدبلوماسیة" الخاصة، التي من خلالھا "حدد" علاقات الدولة بأشقائھا
وأصدقائھا، طبقا لعلاقاتھ ھو وماضیھ، بدلا من سعي للدفع بالدبلوماسیة إلى الأمام. وخلال الـ20 شھرا المنقضیة من مأموریة ولد الغزواني،
تراجع الحضور الدبلوماسي الموریتاني بشكل ملحوظ إقلیمیا. فغابت أیة مساھمة من موریتانیا لإیجاد حل لأزمتي مالي ولیبیا، وھو ما یتحملھ
وزیر الخارجیة الذي یفترض بأن یقدم رؤیة للرئیس ووزیره الأول بشأن ھذا الدور المفترض أن تلعبھ البلاد.
وزیر التھذیب الوطني ماء العینین ولد اییھ:
لم یتمكن من تھیئة إفتتاح السنة الدراسیة بالطریقة المثلى على مستوى وزارة التعلیم الثانوي التي كان یدیرھا، وھو ما إنعكس على العملیة
التربویة، وعاشت المؤسسات التعلیمیة خلال فترة الدراسة في واقع مأساوي، حیث غیاب الكم الكافي من المدرسین وعدم العنایة بالمباني
التي ھي في وضعیة أسوأ، دون أن تقوم وزارتھ بأي شيء ملموس إتجاه تلك الوضعیة، وفجأة أعید لھ الإعتبار لیدمج لھ التعلیم الثانوي
والتعلیم الأساسي، ولیصبح وزیرا للتھذیب الوطني رغم المآخذ علیھ، وذلك في وقت لم یتمكن الرجل من تقدیم أي شيء ملموس لقطاع ھام
وأساسي، كما تعرف العلاقة بینھ مع النقابات توترا شدیدا، أدى بھا لتحدید مواعید للإضراب عن التدریس في ظرفیة حساسة، حیث النصف
الأخیر من السنة الدراسیة.
وزیر الوظیفة العمومیة كامارا سالم:
وزیر تفاقمت في عھده الأزمات خلال الـ20 شھرا من حكم ولد الغزواني، وذلك بشكل بات ھل تأثیر على مصداقیة الدولة الموریتانیة، وعرف
القطاع من الإرتجالیة ما لم یشھده من قبل، ولم یتمكن من تسویة المشاكل العالقة في ھذا القطاع الحكومي الھامز
وزیر التجھیز والنقل محمدو ولد امحیمید:
عجز عن مواجھة التراكمات داخل قطاعھ، فلم یصدر أي قرار من شأنھ تسویة المشاكل ھناك أو الدفع بھ إلى الأمام، ولا حتى منع التلاعب
الحاصل في رخص السیاقة، وعمد إلى تصفیة الحسابات داخل قطاعھ مع الأطر الذي لا یروقون لھ، كما أن الطرق التي باشر قطاعھ إنجازھا
أعدت بإرتجالیة تامة في ظل غیاب الرقابة اللازمة علیھا، حیث حاصرت الرمال بعضھا وتصدعت أخرى.
وزیر التشغیل الطالب ولد سید أحمد:
یتمیز ھذا الوزیر برحلات سیاحیة وإلتقاط الصور ھنا وھناك، بدلا من تقدیم الملموس للقطاع وإنتشالھ مما ھو فیھ من أزمات متفاقمة،
فالقطاع في عھده تراجع دوره وغابت استیراتیجیة محكمة للتقدم بھ إلى الأمام، وتعرف العلاقة بینھ مع أغلب أطر التوتر الشدید، الذي بات لھ
تأثیر قوي على سیر العمل الإداري ھناك.
وزیرة الشؤون الإجتماعیة: الناھا بنت ھارون ولد الشیخ سیدیا:
لم تتمكن الوزیرة بنت الشیخ سیدیا منذ تولیھا الوزارة من تقدیم الملموس لھذا القطاع الحیوي الھام، وإنشغلت بتعیینات ھنا وأخرى ھناك
لبعض "أولي القربى"، حیث تولى "البعض" منھم وظائف ھامة وأبعد بعض أطر الوزارة عنھا، كما أنھا لم تتمكن من تحسین صورة الوزارة
مع شركائھا الأساسیین، ویحتج عشرات المعوقین من وقت لآخر على عدم التجاوب اللازم معھم من طرف الوزارة.
وزیر الشؤون الاقتصادیة وترقیة القطاعات الانتاجیة كان ممادو عثمان:
ھذا الوزیر العائد إلى التشكیلة الحكومیة الموریتانیة، بعد أن غادرھا خلال عشریة ولد عبد العزیز لم یقم حتى الساعة بأي جدید یتعلق
بالعلاقات بین موریتانیا والشركاء الدولیین وأصبح قطاعھ شبھ غائب عن المشھد، بل یكاد یكون مشلولا. كما أن تسریب فیدیو للرجل یعتبر
فیھ نفسھ "أجنبیا" داخل وطنھ، قد أدى لزیادة الإحتقان داخل قطاعھ وزاد من انتقادات أطره لھ كما یلاقي الإنتقادات الشدیدة في الرأي العام،
التي وصلت حد المطالبة بإقالتھ من منصبھ.
وزیر البترول والمعادن والطاقة عبد السلام ولد محمد صالح:
تعیش وزارة النفط غلیان داخلي منذ وصول الوزیر عبد السلام ولد محمد صالح إلى منصبھ فیھا، لأنھ تنازل عن كل شيء لصالح أمینھ العام،
الذي لا یحظى بثقة أغلب أطر القطاع. ورغم ذلك منحھ الوزیر من الصلاحیات داخلھا ما لم یحصل علیھ من قبل، فأنعكس ذلك على القطاع
وأداءه. كما أن علاقة الوزارة مع شركات التنقیب منذ تولي عبد السلام إدارتھا على غیر ما یرام، وفشلت في فرض الإجراءات اللازمة على
تلك الشركات، كما أن الوزیر لم یقم حتى الساعة بأي جھد في سبیل التغلب على أزمات الكھرباء المتفاقمة في عموم التراب الموریتاني.

صحيفة "ميادين"