السبيل نواكشوط... عندما تتدهور الأخلاق و يذهب الحياء لا تسأل عن ما يجري، هذه حقيقة لا يماري فيها إلا مكابر و هي _ للاسف _ ادق توصيف لحالتنا الآن، كنت على علم بذلك و لكنني لم اتصور ان يصل الانهيار بقيمنا الأخلاقية و الاجتماعية إلى الحد الذي تنصب فيه غوغاء _ تعمد إلى التخفي وراء اسماء مستعارة، و تخجل من اطلاع الرأي العام على حقيقتها لما يعرفه عنها من دور قذر في الحفاظ على تراث النفاق و الكذب و تطويره ايضا _ تنصب نفسها حكما يوزع الاتهامات و صكوك الغفران _ بمقابل طبعا _ و بئست الصكوك و الشهادات _..
هذه الغوغاء لا يوجد لجشعها لجام الا الحصول على منافع و في سبيل تلك المنافع يسهل كل شيء، تلفق التهم و تولغ في الاعراض حتى لو كان اهلها فوق الشبهات، و تنسج التهم المتهاتفة السخيفة التي لو سمعها المعري لضمها لقائمة :
اذا عير الطائي بالبخل مادر
وعير قسا بالفهاهة باقل
وقال السها للشمس انت ضئيلة
وقال الدجى للصبح لونك حائل
وطاولت الأرض السماء سفاهة
وفاخرت الشهب الحصى والجنادل
قبل فترة تعرض بعض ذيول هذه الحملة المسعورة لأحد أكثر وزراء الحكومة الحالية نظافة يد و ذمة و وجهوا له تهما هو منها براء براءة الذئب من دم يوسف و رغم أن الوقوف مع هذه التهم الباطلة و الرد عليها يعطي لمن أطلقها مصداقية هو في امس الحاجة اليها، الا أنني شهادة للحقيقة و التاريخ اود أن اكشف بعض الاصلاحات التي قام بها الرجل و التي قد تكون السبب في هذه الحملة المغرضة ممن قطعت تلك الاصلاحات "ارزاقهم الحرام" التي كانو يحصلونها من الممارسات المشبوهة التي وضع وزير المالية محمد الأمين ولد الذهبي ولد مولاي الزين حدا نهائيا لها منذ تعيينه في المنصب انطلاقا من مقاربة تقول بأن اول خطوة في سبيل اصلاح القطاع هي ابعاد العناصر الفاسدة من مركز صناعة القرار.
و كان اول ما قام به اجراء تحويلات في الكادر الوظيفي لوزارته و الإدارات التابعة لها في محاولة لإعطاء دفع أكبر لعمل الوزارة الحساس و الحيوي.
و إذا لم يكن كل الموريتانيين يعرفون الإطار الكفؤ ولد مولاي الزين الذين _ مع أن غالبيتهم تعرفه _ فإنهم جميعا يدركون التحسن المطرد الذي شهده قطاع المالية منذ توليه مقاليد أموره.
و الموريتانيون الذين لم ينسوا _ و ربما لن ينسوا في القريب _ كيف تحولت الوزارة إلى ساحة حقيقية للإقصاء و الظلم و النهب الذي كانت تمارسه عصابات منظمة من بعض رجال الأعمال و بعض الموظفين في الوزارة بأعصاب باردة في وضح النهار و في سكون الليل...
بالتأكيد لا أحد يمكنه القول أن هذا التحسن الحالي حدث بالصدفة إنه كان نتاج جهد مضني و سهر متواصل و عمل دؤوب في صمت، لا يرى فيه صاحبه أكثر من أداء واجب وطني مقدس و لكن تواضعه لا يجوز أن يكون ذريعة لإنكار جميله و أكثر من ذلك التنقيص منه و محاولة قلب الحقائق...
الكل يتذكر كم من رجل أعمال تمت مضايقته و تسليط سيف الضرائب عليه في العهد الماضي و القلق و الخوف اللذان سادا الجميع...
قبل حادثة الإفك هذه لم يرد ذكر لإسم الوزير محمد الأمين ولد الذهبي ولد مولاي الزين في أي فضيحة أخلاقية أو مالية أو أي مشاركة في فعل يتضمن إنتهاكا أو خرقا للقانون و كيف يمكن لذلك أن يقع ؟ و هو الذي ظل ينأى بنفسه عن مواطن الريبة و الشبهات، لكن كما يقال لا سلامة من الخلق..
لقد كان تعيين الوزير محمد الأمين ولد الذهبي ولد مولاي الزين قرارا موفقا يحسب لرئيس الدولة محمد ولد الشيخ الغزواني كان تطبيقا حرفيا لقاعدة : الرجل المناسب في المكان المناسب، فقد عمل الوزير سنوات في سلك المالية كان خلالها رجل اقتصاد بامتياز مخلصا وفيا لوطنه و مهنته، لا يداهن و لا يحابي حين يتعلق الأمر بالمصلحة العامة و لم يستغل _ مع قدرته على ذلك _ المنصب لأغراض شخصية أبدا و لم يشارك في رياح الفساد التي اجتاحت القطاع سابقا و يشهد له زملائه في سلك المالية بالمهنية العالية و الكفاءة و الإستقامة في الخلق.
أوردت هذا كله لأقول أن الوزير ولد الذهبي فوق الشبهات و أنبه إلى المقاصد المريضة لمن يريدون نشر شائعات تلصق به تهما هو بعيد منها بعد المشرق من المغرب.
و أخيرا :
ما ضر نهر الفرات يوما
أن خاض بعض الكلاب فيه