توافد الزوار إلى مدينة طوبى المحروسة منذ أسابيع لإحياء ذكرى خروج الشيخ أحمدّ بنبه مكرها من طرف الاستعمار الفرنسي إلى منفاه في الغابون سنة 1313 هـ / 1895م.
لأن الفرنسيين كانوا يرونه خطرا داهما على وجودهم في غرب إفريقيا.
دامت محنة غربته ما يقارب ثمان سنوات. ويقول هو حين أحس بتلك النصرة الإلهية التي حباه الله بها:
سَبَبُ غيبتيَ أن الله ** أراد أن أنال منه جاها
وأن أكون شافعا لقومي ** وأن أكون خادما في الدوم.
يتم إحياء غيبته يوم 18 من شهر صفر كل عام من طرف مريدي الطريقة المريدية بتلاوة القرآن وقراءة قصائد الشيخ جماعيا و يقدر عدد الزوار كل عام بما يقارب أربعة ملايين زائر .
يعتبر يوم الـ"مگل" عطلة رسمية في السنغال، لأن الدولة تعتبره رمزا من رموز المقاومة السلمية في السنغال بالإضافة إلى كونه رمزا دينيا.
تمت دعوتي من قبل اللجنة المنظمة لمگل طوبى التي يرأسها الأستاذ الفاضل الدكتور مرتضى بوسو، وكانت هذه الدعوة الكريمة مناسبة لزيارة مدينة الولي الصالح الشيخ أحمد بنبه رحمه الله ونفعنا ببركته، وزيارة ضريحه الشريف، ومقابلة الخليفة العام للمشيخة الطوباوية حفظه الله ورعاه، والاستماع إلى محاضرات ألقيت من طرف أعضاء وفود الدول الإسلامية المدعوة لحضور هذه التظاهرة.
تعجز الكلمات والحروف عن وصف ذلك الحدث الجلل المهيب الذي يعتبر من "طلبت ملان الدرس" ولا شك أن الرجل أحب الله ورسوله فوضع الله له القبول في الأرض .
ربطت الشيخ علاقات وطيدة بمعاصريه من سكان إگيدي أيام زيارته للشيخ باب ولد الشيخ سيديا.
نزل الشيخ أحمد بنبه بأحيائهم عند "زيرت حواص" وقد ذكر هو تلك العلاقة في بعض أشعاره:
حمدي وشكري لمن كلي به صارا * له رضا دون سخط عند صرصارا
له ثنائي ورضواني بلا سخط * مذ قاد لي من بني ديمان أنصارا.
وقد توطدت تلك العلاقة مع علماء وصلحاء زمانه من أمثال تلميذه الشيخ العلامة سيد أحمد بن اسمه (امد) الذي حاول أحد جلسائه مرة أن يقلل من شأن الشيخ أحمد بنبه. قال: أحد مريدي الشيخ بنبه: "سرين بنبه أمول مروم" (أي الشيخ أحمد بنبه لا نظير له).
فقال جليس امد: "أمول مروم تنيت كي انيول" (لا نظير له في السوادين) فوقف الشيخ امد وقال بصوت مرتفع: "أمول مروم تِنيت كي انيول آك نيت كي خيص" (لا نظير له في السوادين ولا البياضين!).
و ممن جالس الشيخ أحمد بنبه حين مقامه عندهم الشيخ حامدن ولد بيدح ومحمذن ولد احميد وحامدنولد محمذن ولد محنض باب وحامدن (آدن) ولد المختار.. وغيرهم كثير.
وسأودع طوبى وأهلها الكرام بأبيات للمختار ولد حامدن في الشيخ أحمدُّ بنبه؛ وهي دليل قاطع على متانة الروابط :
ما ضل من ظل نحو الشيخ يرتحل * تخدي به يعملات نحوه ذلل
حتى يحط بباب الشيخ أرحله * حيث التقى والنقا والعلم والعمل
والمكرمات وحيث الدين منتصر * والخير متصل والغير منفصل
حيث البدور بنو الشيخ الخديم ألا * هم البدور بدور الدين لا أفلوا
من نوره اقتبسوا ما من حلى لبسوا * كالشمس للبدر من أنوارها حلل
أولو تقى ونقًا أولو ندًى وجدًى * أولو صفًا ووفًا أولو أولو وأولو..
يا رب عقد به جادوا وما بخلوا * ورب علم أجابوا عنه إذ سئلوا.
نقلا عن صفحة المدون / البراء ولد محمدن.