أقدم بين يدي هذه الذكريات هذا الرثاء الذي ألح علي إلحاحا في أن لا يكون إلا في هذا الشكل أي تطلاع لهذا الكاف البديع القديم الذي قيل في حق والد الفقيد و جده..
كلمت غيلان أُذَ مثبوت == مكتوب فاللوح المحفوظْ
لحمد سالم و امنيْن إموتْ == مكتوبَ فاللوح ال ” محفوظ ”
أ مكتوب سترت كان ٱمْشَ == محفوظْ أُ ذ فالناس افش
مورتان عند المَنْشَ == فاللوح ال ذريت ” محفوظ ”
المحفوظ أ بل نحش == بالفعل الزين أل مغروظ
أ فتباك الله افرمش == كام احمد سالم بالمفروظ
من كد فيه يتمش == كارد قانون ٱلْهَ مكْبُوظ
صرع الصالح مدُّ و ٱرْشَ == عاد أُ صِرع الخاسر مكْروظْ
أ عطيه الرحم و الغفران == أ بارك ل فولاد لعيان
أ عل مقام يالمنان == فالجن و اسكيه امن الحوظ
بل من ليمان أ لحسان == أ لسلام اطريك ل موخوظ
أ مدهوك أ بل مورتان == من ساحل للكبل للحوظ
اسعال من سعي افميدان == الشان أ عاد ابذ محظوظ
أ لا تجبر ماه كلب املان == من ماه من منفوظ
و اف قوانين المظالم == عالم ماه بيه عالم
أ لخلاق أ لكان أُكالمْ == اللفظْ إلى لفظُ ملفوظْ
أُ عرضُ من شِ يِهْشِمْ سالمْ == ألاهُ مَدفور أُلاَ مَوْخُوظْ
أُ طبع أحمد سالم مُسالم == من سغر ما فيه الحظوظ
أُ كيف احمد سالم معالم == أ ” محفوظ ” اذ عند ملحوظ
بيه ألِّ طبْعْ أحمد سالم == أ ” محفوظ ” أُلا عندُ محفوظْ
رحم الله البروفسير أحمد سالم ولد محفوظ ولد أحمد سالم ولد ببوط
كانت آخر مرة أروم فيها الإتصال به عن طريق رقم جواله المعهود هي بعد وفاته مباشرة عندما رد علي فيها أحد إخوته فقال : ذلك فلان .. ها نحن في طريقنا به إلى المقبرة في لكصر بعد قد أتممنا الصلاة عليه في المسجد و الحمد لله على كل حال..و كنا نتصل هاتفيا أكثر من مرة كل أسبوع و كنت أزوره في المنزل أسبوعيا على الأقل منذ عودته الأخيرة من المغرب ..إن كان قد تغير جسمه فإن عقله لم يتغير..بل بقي على شجاعته المعهودة و أريحيته العفوية ..كان يسألني دائما عن نشاطات مركز الرشاد الذي كنا فيه شركاء إذ يضطلع فيه بالجانب القانوني المتعلق بالإستشارات و المحاضرات..كان يداعبني كثيرا حتى من فوق سريره في المستشفى في الرباط مباشرة في الهاتف أو بواسطة الرسائل النصية ..و من هناك كتب لي الإفادة المرفقة التي حررها بعد إجراء عمليته و ستظل وسامَ شرف أعتز به ثم قال لي مداعبا و هو يحيلها إلي : أستغفر الله من بعض ما شهدتُ به في تلك الإفادة ! و رددتُ عليه أقول على وجه الدعابة كذلك : إن شئنا تكافأنا فأعد لك إفادة مماثلة باسم المركز أشهد لك فيها بما يستوجب الإستغفار! اللهمَّ اغفر له و ارحمه بما ينطوي عليه قلبه من طيبة و صفاء..كان الأستاذ ببوط قوي الإيمان بالله مسلم على الفطرة بالغ الزهد في الدنيا لا يخلو من مسحة من ورع..و من ذلك أنه اتصل بي مؤخرا من المغرب يستفتي عن نازلة صورتها أنه أرسل إلى المطار من يأتيه بلحم مستورد من انواكشوط فجاءه به معلبا ثم أودعه ثلاجة الجيران حتى إذا تهيأ استخدامه فإذا به سمك طري مجمَّد إذْ التبس مع بضاعة مواطن آخر مجهول العين و العنوان..و لا زال يلح عليَّ في استصدار الفتوى من فقيه معروف لمعرفة ما يفعله بتلك البضاعة القابلة للتعفن و المودعة لدى الغير حتى إذا لقيت أحد الفقهاء فأفتاه بأن يتصدق بذلك السمك ففعل..
كان الأستاذ ببوط واحدا من اؤلائك العباقرة الموريتانيين القلة المتميزين عالميا كل في مجال اختصاصه مثل آبَّ ولد اخطور و ولد التلاميد و يحي ولد حامدن و جمال ولد الحسن و غيرهم كثير..و لكن ما يجمع هؤلاء غير العبقرية الفذة هو أنهم يُحظون من التقدير و الإعتبار خارج بلدانهم بأضعاف ما ينالون من بني جلدتهم في قُعْر دارهم .و تتجاذبهم إكراهات الواقع و مغريات الغربة فلا يقوى عليها منهم إلا ذو حظ عظيم.
ما إن ناقش الأستاذ ببوط أطروحته للدكتوراه في القانون العام في فرنسا حتى انتشر صيته بين أهل الفن هناك كخبير لامع من أهل ذلك الفن و خاصة بعد نشر كتابه الشهير الذي يعالج فيه موضوعا علميا دقيقا يتعلق بتأثر القضاء الإداري في فرنسا بالقانون الدستوري هناك..و من تلك النافذة تعادلتْ اهتماماته بالفرعين..
و سأعود في ما بعدُ إن شاء الله إلى جهوده في مجال القانون الدستوري..
رحم الله السلف و بارك في الخلف.
نقلا عن صفحة: محمدن ولد سيدي الملقب بدن