حرب كيميائية معلنة ... عنوان لجريمة نكراء تقترف في حق قصر لايملكون وسائل دفاع ضدها من طرف بالغين تسلحوا بغياب الرقيب وصمت المسؤول ليسوقوا جهارا نهارا الموت بأبشع صنوفه وبأبخس أثمانه في ثوب مواد غذائية وأدوية منتهية الصلاحية ... فبينما يتصارع الكبار لجني مكاسب سياسية وأقتصادية أو تبوأ مكانة إجتماعية ...
يخلوا الجو لتجار الموت لينفذوا سمومهم القاتلة في أوصال فتية لا يدركون هم ولاذ ووهم مدى خطورة تلك المواد المعروضة في الأسواق وعلى جنبات الطرق .
فمن حليب الأطفال إلى عصير الكبار مرورا بالأدوية المزورة يتجول وباء " السرطان الفتاك " منتزعا أرواح الأطفال والبالغين على حد سواء في أشد ظروف الألم قسوة ...
اللحظة القاتلة
تمر أيام الشهر طوالا ... وبعد كد ومرارة وطول إنتظار ... يستلم الأب من رب العمل دريهمات بالكاد تكفي لسد رمق العائلة ...
وحبا في إسعاد الأطفال ورغم الفاقة وضيق ذات اليد يمر الأب على " بقالة " أو " بائع متجول " ليحمل معه كيس عصير أو بسكويت للطفل الشقي الذي أصبح يدرك – لا إراديا – متى يقبض الأب راتبه ... من عرق جبينه ودون أن يعلم وفي قمة السعادة يدفع الأب المخدوع ثمن الألم لبائع الموت ويقبض منه سرطانا ملفوفا في ثوب عصير أو بسكويت ... وبذات الفرحة يتلقف الطفل أول أسباب الموت ... ليعلن القدر لحظة بداية النهاية ...
ماهي إلا أيام قلائل حتى يسري مفعول السم الزعاق في شرايين الطفل لتظهر عليه أولى أعراض السرطان راسمة ملامح أولى خطوة على طريق أللا عودة ، الذي يمر دربه عبر مستشفى أريد له حين أقيم على أنقاض " مركز الجاسوسية الصهيونية " أن يكون بارقة أمل لمصابي الداء الفتاك لكنه حاد عن طريقه ليكون مركزا للمن والأذى – بشهادة بعض رواده – " ، حين يلج المصاب المركز على أمل الشفاء أو على الأقل التخفيف من الألم يكشر له القدر عن أنيابه معلنا بمنتهى الصراحة والوضوح أن لاسبيل لمن لا يملك مال قارون ليخرج حيا من مستشفى السرطان فثمن الأدوية – إن وجدت – أغلى من تذكرة مع إقامة لمدة شهر كامل في بلد أوروبي ، لكن الأدهى والأمر أنه بعد طول انتظار وحين تجف كل منابع الصبر لدى المصابين يخرج عليهم طبيب عبوس قمطرير معلنا بنبرة جافة أن الدواء غير متاح ودون تقديم أبسط اعتذار أو تفسير أو جرعة معنوية للمتألمين يحاول العودة من حيث خرج وحين يناقشه أحد المرضى متسائلا في مرارة عن ما سمع رئيس الفقراء عن طريق وزير صحته يتغنى به من توفر كافة ادوية هذ الداء الفتاك لدى المركز يجيبه الطبيب في تهكم وقح أخبر رئيس الجمهورية أنني أنا " فلان " قلت أن الدواء غير متوفر ... هيا أسرع لا أحد يحس بآلامهم لا أحد يدرك حدود آمالهم يعيشون لحظات ألم يتمنون معها لو أن قانون موت الرحمة أقر في وطنهم لكنهم رغم ازدراء " المسؤولين " المرافق دائما وأبدا لمعاناتهم لايزالوا يملكون الإيمان برب في السماء أرحم من أهل الأرض .
خاتمة
يغيب الرقيب فيعبث المجرم في الأرض فسادا ، يقسى الطبيب فيعتصر المريض ألما ... لكن لو آمن الرقيب أن عليه رقيبا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وأحصاها ... ولو يؤمن الطبيب بأن قانون السماء يقر بأن من لايرحم لايرحم ... ولو أدركت أنا وأنتم أنه لايتم إيمان أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .... لكان هؤلاء أحسن حالا مما هم عليه الآن .
دعوة
هي إذن دعوة صادقة لنقف مع مرضى السرطان نساعدهم وندافع عن حقهم في الحياة حقهم في الترفيه على الأقل من المعاناة ، حقهم في المعاملة الحسنة التي هم أحوج إليها منا .
قسم التحرير في" السبيل"
السبيل