شكل تكليف الوزير الأول أحمد سالم ولد البشير بقيادة التولفة الوزارية الجديدة نهاية أكتوبر 2018 ، لحظة انفراج داخل الأغلبية الداعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، بعد سنتين من المواجهة المفتوحة بين أبرز أركان المنظومة السياسية والتنفيذية الحاكمة بموريتانيا.
وأستبشر العديد من كوادر الدولة والفاعلين فيها ، بمرحلة عنوانها جهاز تنفيذى يعمل وسياسى ينظر ويقرر ويدير العملية السياسية بكل تفاصيلها، قبل أشهر قليلة من مغادرة الرئيس للسلطة، واختيار خلف له، فى بلد لم يعهد التناوب السلمى على السلطة، ولم يكن فيه للوزراء حضور أو طموح فى ظل وجود الرئيس.
غير أن الوزير الأول أحمد سالم ولد البشير القادم للتو من إدارة أكبر شركة للمناجم بموريتانيا، واجه تعقيدات المشهد بكل ألوانه، مع حذر زائد من الوقوع فى أخطاء سلفه، رغم الطايع الانتقالى للحكومة التى يقودها، وهو ما أثر بشكل كبير على تسييره لمجمل الملفات الداخلية، مع علاقة غامضة بالمتظومة السياسية الحاكمة، وعلاقة محدودة بالمجتمع الذى يتولى تسيير أموره.
يعتقد البعض أن الوزير الأول أحمد سالم ولد البشير واجه عشية وصوله لسدة الوزارة الأولى تركة ثقيلة، فقد أحكم سلفه يحي ولد حدمين القبضة على المرفق الحكومى بعدد من رموز حكمه وأعوانه، وكانت رهبة نيل الثقة فى الجمعية الوطنية بين عينيه، واستحقاقات المجالس الجهوية والبلدية والبرلمانية قد ألقت بظلالها على المشهد، والترتيبات المنتظرة كلها من صلاحيات الرئيس وحده ( المرشح والمؤتمر والميزانية وأولويات التنمية المحلية) ، مع ضغط الوقت المحدد سلفا بحكم الآجال الدستورية الناظمة لانتخابات رئيس الجمهورية.
كما لم تكن إدارة التولفة الوزارية بتلك السهولة، فالرجل يجتمع أسبوعيا بتشكلة تضم بين صفوفها الرئيس الممسك بالسلطة محمد ولد عبد العزيز والرئيس المحتمل محمد ولد الغزوانى والوزير الأول السابق يحي ولد حدمين والمتحفزون لمنصب الوزير الأول وهم كثر، ورئيس الحزب الحاكم سيدى محمد ولد محم والرئيس المحتمل للحزب الحاكم سيدنا عالى ولد محمد خونه، مع حضور قوى لبعض الوزراء الشباب، ممن يمتلكون علاقة مباشرة بالرئيس ومحيطه كالوزير المختار أجاي والوزيرة الناه بنت مكناس، والوزير محمد ولد عبد الفتاح والوزيرة آمال بنت مولود.
معطيات من ضمن أخرى عقدت مهمة الرجل المكلف بتسيير الحكومة، وأربكت حركة العمل داخل التولفة الوزارية خلال الفترة الأخيرة، وحاصرت ملفات العمل الشائكة معاليه بين جدران مكتبه، فلم يتمكن منذ تكليفه من زيارة مقاطعة واحدة، ولم يتولى تدشين أي مشروع منذ تعيينه ، ولم يترأس أي اجتماع خارح مقر الحكومة فى مسقط رأسه أو داخل تفرغ زينه، عاصمة الفعل السياسى بموريتانيا.
ورغم الإجتماعات المتكررة للجان الوزارية،لاتزال ملفات تنفيذية كبيرة عالقة دون حل، كعلاوات الموظفين المتأخرة، ورواتب العقدويبن البؤساء المحجوزة للشهر الخامس، ولم تطرح الحكومة أي اكتتاب منذ تكليفها، ولم تتجاوب مع مساعى الإصلاح داخل قطاع التهذيب، ولم تمرر النصوص الناظمة للمجالس الجهوية، التى لم يتمكن بعضها من عقد أي اجتماع منذ انتخابه بفعل الفراغ القانونى والعجز المالى وغياب وسائل النقل، ولم يتمكن الوزير الأول من إجراء أي تعديل وزارى يعيد الاعتبار لبعض القطاعات الوزارية المعطلة، ولايزال واقع البؤساء فى الأحياء الشعبية دون حل نهائى، بعدما تحول الملف إلى بقرة حلوب لأبرز الممسكين به.
غير أن مجمل المحيطين به يعتقدون أن أبرز مكسب تحقق فى عهده هو عودة الانسجام بين رموز الأغلبية وأبرز الفاعلين فيها، ووقف الاستهداف الممنهج لكل مخالف داخل الأغلبية وخارجها ، وتراجع حدة خطاب الكراهية الذى كانت بعض الإجراءات التنفيذية أبرز محفز له.
زهرة شنقيط