بعكسِ عزيز فإنّ غزواني يمتلكُ اتضاحاً نظرياً. عزيز كان يقوم بأشياء لم يُنظِّر لها. أشياء ربّما حلم بها قبل ذلك بأيام أو ظهرت في النقاشات الإدارية وبالتأكيد في الحوارات مع المانحين ومن المصالح المرتجلة للزبناء والآراء الفوضوية للمستشارين. طبعاً ما زالت نظرية غزواني فقيرة. وعلاوة على ذلك فهنا ثلاث مشاكِل له:
1-أولاً مشروعُه بالإنصاف من "الغبن" هو مشروع ريْعي. إنّه يُعوِّل في عملية الانقاذ هذه على موارد الدولة، وبالأخصِّ الغاز. المشكِلة أنّ الغاز لن يُصبِح ريْعاً قبل المأمورية الثانية. فاستخراجه سيأخُذ عملياً سنتين تنضافُ إليهما سنتان من قضاء ديون وتكاليف استخراج الغاز. بطبيعة الحال لن تنتظِرَ المشاكل الاجتماعية كلّ هذه السنوات. كلّ هذا سيكشِف ميمنته للمعارضة الداخلية والخارجية.
2-ثانياً، غزواني لا يمتلك طبقة حاكِمة قادرة استراتيجياً وذهنياً على الحُكم. فاستراتيجيو الأغلبيّة يفتقِرون للاستعداد النظري لمباشرة الحُكم. وما يوجد في الحقيقة هو مجموعة من المثقّفين والبيروقراطيين الذين يمدحون ويهجون. إنّهم وصوليون يريدون التدرّج. ولكنّهم ليسوا طبقة حاكمة لها قدرة استراتيجية على إجهاض التهديدات وإحقاق المصالحات. بعبارة أخرى إنّهم لا يُفكرون كنظام، وإنما كأفراد ومعيلي أُسَر. وهم لا يقترِحون السياسات، بل ينتظِرونها ليجروا أمامها بالتأييد والصراخ. أمّا من التحَق بغزواني من التشكيلات المعارِضة فهم في الواقِع من خرّب هذه التشكيلات بالآراء المرتجلة والمكابرات البدوية. بعبارة أخرى إنّ إحدى مشاكل غزواني هي المشكلة البنيوية في النظام وهي غياب التفكير.
3-الطبيعتان الأبديتان للسياسة العشائرية وللسياسة الليبرالية ستُجهضان مشروع غزواني المعتمِد على المسالمة و"المصالحة". وسرعان ما ستعود الثنائية إما في شكل: 1- صراع بين النظام والمعارضة بالشكل التقلدي. و/أو 2-صراع بين النظام والنقابات والشباب و/أو 3-حرب مغاضبة في داخل الأغلبيّة تؤدِّي إلى عدم استقرار الوضع والتعكير على أيّ مشروع بناء كما حدث في عهد عزيز. لن يكون بمقدورِه تحقيق الموائمة بين كلّ الأغلبيّة والنظام. ومن الجلي أنّه ليس رجل مواجهة. فإذا فشل في حقن الاختلافات فسيكون أفشل في المخاصِمة.
بعكسِ عزيز فإنّ غزواني يمتلكُ اتضاحاً نظرياً. عزيز كان يقوم بأشياء لم يُنظِّر لها.