عاشت موريتانيا خلال الأيام الماضية على وقع أزمة سياسية مفاجئة، سببها خلاف بين الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وسلفه محمد ولد عبد العزيز حول «مرجعية» حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، الحزب الذي يهيمن على أغلبية مطلقة في البرلمان.
وفيما يلي تجدون المسار الزمني للأزمة وتطوراتها المتلاحقة:
عاد الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، إلى العاصمة نواكشوط يوم السبت 16 نوفمبر الماضي، على متن طائرة خاصة تابعة لشركة «الموريتانية للطيران»، أرسلت له بأوامر مباشرة من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
ولد عبد العزيز الذي عاد من دون زخم وفي هدوء تام، التقى طيلة عدة أيام ببعض الشخصيات السياسية والاجتماعية في منزله بنواكشوط، ولم ينقل عنه أي حديث في السياسة طيلة تلك الأيام.
يوم الأربعاء 20 نوفمبر، دعا ولد عبد العزيز لجنة تسيير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم لاجتماع طارئ، جلس خلاله على كرسي الرئيس وحظي بمعاملة خاصة في الاجتماع الذي استمر لخمس ساعات، وفي البيان الصادر عنه الذي تضمن إشارات غير ودية تجاه ولد الغزواني.
يوم الخميس 21 نوفمبر، دعا الفريق البرلماني للحزب الحاكم إلى اجتماع في مبنى الجمعية الوطنية، من أجل الرد على بيان لجنة تسيير الحزب، ولكن الاجتماع مُنع في اللحظات الأخيرة من طرف القيادة المؤقتة للحزب.
يوم الجمعة 22 نوفمبر، بدأ النواب حملة جمع التوقيعات على عريضة تدعو للاجتماع، وهي العريضة التي مثلت استفتاء داخل الفريق لمعرفة نسبة النواب الموالين لولد الغزواني ومن يتمسكون بالرئيس السابق، ونال ولد الغزواني دعم أكثر من تسعين في المائة من النواب.
ليل الجمعة 22 نوفمبر/السبت 23 نوفمبر، عقد ولد الغزواني اجتماعاً في القصر مع بعض معاونيه والمقربين منه، أبلغهم فيه عدة رسائل مهمة: أنه متمسك بالحزب الحاكم وأنه هو مرجعيته الوحيدة، أنه غير مرتاح لبيان لجنة تسيير الحزب والاجتماع الذي عقدته مع الرئيس السابق، ولكنه في الوقت ذاته رفض توجيه أي كلام جارح أو استهداف لصديقه.
يوم السبت 23 نوفمبر، عقد الفريق البرلماني للحزب الحاكم اجتماعاً غاب عنه النواب الموالون لولد عبد العزيز، وخرج بالاتفاق على نقاط بارزة: التمسك بالحزب الحاكم، وولد الغزواني هو مرجعيته الوحيدة.
في نفس اليوم وما تلاه من أيام صدرت بيانات مشابهة عن روابط العمد والمجالس الجهوية وفيدراليي الحزب، جميعها تتمسك بالحزب وتعلن ولد الغزواني مرجعية له.
مساء يوم الاثنين 25 نوفمبر، استدعى ولد عبد العزيز بعض قيادات الحزب الحاكم وأعضاء في لجنة تسييره، لاجتماع في منزله بنواكشوط، وهو الاجتماع الذي اعتبر فيه أن تدخل ولد الغزواني في الحزب مخالف للدستور وأنه لن يقبل به وسيتصدى له، وقد انسحب من الاجتماع رئيس لجنة شباب الحزب ورئيسة لجنة النساء، ليصدرا فيما بعد بيانات داعمة لمرجعية ولد الغزواني.
تسبب حديث ولد عبد العزيز في حالة صدمة شكلت منعرجاً حقيقياً في الأزمة، إذ بدأ مقربون منه في الابتعاد عنه، من أبرزهم يحيى ولد حدمين وسيدي محمد ولد محم، ثم جاء بيان صادر عن مسؤول الإعلام في لجنة تسيير الحزب الحاكم سيد أحمد ولد أحمد ليعلن ولد الغزواني «مرجعية حصرية» للحزب.
يوم الثلاثاء 26 نوفمبر، عقد الفريق البرلماني للحزب الحاكم اجتماعاً في مبنى الجمعية الوطنية، حضره جميع أعضاء الفريق، شهد مشادات قوية بين معسكري عزيز وغزواني، وخاصة بين بيجل ولد هميد ونائب ازويرات.
في مساء نفس اليوم أصدر أغلب أعضاء لجنة تسيير الحزب الحاكم بياناً أعلنوا فيه أن ولد الغزواني هو «المرجعية الحصرية» للحزب، رفض ثلاثة أعضاء التوقيع على البيان (سيدنا عالي ولد محمد خونه، بيجل ولد هميد، افال انغيسالي)، بينما التزم اثنان الحياد (محمد ولد عبد الفتاح، خليهن ولد اعثيمين).
في نفس اليوم أصدر ولد الغزواني تعليمات إلى مقربين منه بضرورة تهدئة الأجواء السياسية والتركيز على عيد الاستقلال الوطني، ليعود هدوء حذر إلى الساحة، وبدأ الموريتانيون يطرحون السؤال: هل سيحضر ولد عبد العزيز لاحتفالات عيد الاستقلال في أكجوجت ؟
يوم الأربعاء 27 نوفمبر، ولد الغزواني يعزل قائد كتيبة الأمن الرئاسي ويعين عليها أحد المقربين منه، ويجري تعديلات مهمة على الكتيبة التي كانت توصف بأنها موالية لولد عبد العزيز، لتنتشر شائعات حول «محاولة انقلابية».
في نفس اليوم اتجه ولد الغزواني إلى مدينة أكجوجت استعداداً لحفل الاستقلال، فيما غادر ولد عبد العزيز العاصمة نواكشوط، إلى وجهة لم يعلن عنها.
يوم الخميس 28 نوفمبر، ولد عبد العزيز يغيب عن احتفالات عيد الاستقلال، وبقي مقعده شاغراً ما بين الرئيس الأسبق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله والزعيم التاريخي للمعارضة أحمد ولد داداه.
يوم الجمعة 29 نوفمبر، ثلاثة أعضاء في لجنة تسيير الحزب الحاكم يمثلون جناح ولد عبد العزيز، يعقدون مؤتمراً صحفياً يعلنون فيه أن النصوص هي «المرجعية الوحيدة» للحزب، مؤكدين تمسكهم بالحزب ونصوصه.
يوم السبت 30 نوفمبر، وزير الدفاع حننا ولد سيدي ينفي وقوع أي محاولة انقلابية، ويؤكد أن «الوضع الأمني تحت السيطرة».
في نفس اليوم يعقد أغلب أعضاء لجنة تسيير الحزب الحاكم مؤتمراً صحفياً يتمسكون فيه بغزواني كمرجعية للحزب الحاكم، ويفتحون باب التهدئة مع جناح عزيز.
نفس اليوم شهد اجتماعاً لرؤساء فرق برلمانية في مبنى الجمعية الوطنية اتفقوا خلاله على تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في قضايا فساد خلال حكم ولد عبد العزيز.
يوم الأحد 01 دجمبر، ولد عبد العزيز يعود إلى نواكشوط قادماً من بوادي الشمال الموريتاني، بعد ايام من الصمت والاختفاء عن الساحة.
يوم الاثنين 02 دجمبر، ولد الغزواني يتوجه إلى مدينة سيلبابي، جنوبي موريتانيا، لتدشين وإطلاق مشاريع في المدينة التي تعرضت قبل أشهر لفيضانات كارثية.
عاشت موريتانيا خلال الأيام الماضية على وقع أزمة سياسية مفاجئة، سببها خلاف بين الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وسلفه محمد ولد عبد العزيز حول «مرجعية» حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، الحزب الذي يهيمن على أغلبية مطلقة